xmlns:v="urn:schemas-microsoft-com:vml" xmlns:o="urn:schemas-microsoft-com:office:office" xmlns="http://www.w3.org/TR/REC-html40"> الأيمان

                                                     

الجمعية الشرعية لكفالة الطفل اليتيم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا وكافل اليتيم فى الجنه كهاتين وأشار بالسبابه والوسطى" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

الاسلام هو الحل


ركن النصيحة

ركن الذكرى

ركن الاسرة

ركن السلوك

ركن الدعوة

ركن العبادات

ركن العقائد

ركن الفتوى

ركن العبر والعظات

ركن المعاملات

لقاء الاحبة

الاربعون النووية

اصدقاء الموقع

إذاعة القرآن الكريم

قالوا وقلنا

اعلن عن موقعك معنا

مواقع تهمك

الاستاذ عمروخالد
جريدة افاق عربية
دليل وفاتورة التليفون
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ركن الدعوة

 

الأيمان
حكمها، ما يكفر منها وما لا يكفر، كفارتها، اليمين الغموس

تعريف الأيمان  ودليل مشروعيتها

حكم الأيمان

الأيمان التي تكفر، والتي لا تكفر

المحلوف به الذي إذا حنث عليه الكفارة

الحلف بالقرآن أو بآية منه

الحلف بالمصحف

قول الرجل هو يهودي، أونصراني، أومجوسي، أوبريء من الإسلام، أومن النبي صلى الله عليه وسلم

الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

الاستثناء في الحلف

من استحلف على حق فإن اليمين على نية المستحلف

من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً فليأت التي هي خير وليكفر عن يمينه

الكفارة

الإطعام

الكسوة

عتق رقبة

صيام ثلاثة أيام

كفارة العبد

من حلف على حال وتغيرت حاله بعد

إذا مات الحالف وقد حنث

تقديم الكفارة قبل الحنث

الخلاصة

 

الحمد لله الذي أمر بحفظ اللسان والأيمان، فقال: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، وقال: "واحفظوا أيمانكم"، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، القائل: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، ولذلك ذم الله الخلاف، ونهى وحذر عن الإفراط في الحلف، فقال :" ولا تطع كل حلاف مهين"، لأن الإكثار والإفراط في الحلف مدعاة إلى الكذب.

من رحمة الله بهذه الأمة أنه رفع عنها كثيراً من الأغلال والآصار التي كانت على غيرها من الأمم، ورفع عنها الحرج، ومن ذلك أنه لم يؤاخذنا بلغو الأيمان، ولكنه يؤاخذنا بما عزمت وعقدت عليه قلوبنا، فقال: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان"، وما عقدنا عليه الأيمان جعل لنا مخرجاً منه بالكفارات، التي جعلها على التخيير: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم".

وبعد..

 فهذا بحث عن الأيمان، عن تعريفها، وحكمها، وما يُكفّر منها وما لا يكفر، وعن اليمين الغموس، وعن الكفارة، وبيانها، وما يتعلق بذلك.

والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم، وموافقاً لسنة سيد المرسلين، ونافعاً لمن اطلع عليه من إخواني المسلمين، ومثقلاً لميزان كاتبه يوم تطيش الموازين.

أقول وبالله التوفيق:

أولاً : الأيمان

تعريف الأيمان  ودليل مشروعيتها

الأيمان بفتح الهمزة جمع يمين، قيل مأخوذ من اليمن وهو البركة، لأن اليمين تحفظ بها الحقـوق، وقيل مأخوذ من اليد اليمين، لأنهم كانوا إذا حلفوا وضع أحدهم يمينه في يمين صاحبه، والله أعلم، واليمين تذكر وتؤنث، وتجمع على أيمان وأيمن.

الأيمان مشروعة، ودليل مشروعيتها الكتاب، والسنة، والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" الآية، وقوله تعالى: "ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً"، وقد أمر الله نبيه بالحلف في ثلاثة مواضع، فقال: "ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين"، وقال: "قل بلى وربي لتأتينكم"، وقال: "قل بلى وربي لتبعثن".

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "إني والله، إن شاء الله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها".

ولهذا أجمعت الأمة على مشروعيتها وثبوت حكمها.

 

حكم الأيمان

يختلف حكم الأيمان باختلاف المحلوف عليه، ولهذا فإنها تعتريها الأحكام الخمسة، فقد تكون:

     1.  واجبة : إذا كان الغرض منها تنجية وتخليص نفسه أومسلم معصوم الدم من الهلاك ، نحو أن تتوجه عليه أيمان القَسَـامَة، فيحلف ليبرئ ذمته من دم المقتول بساحته أومحلته، أويحلف ليخلص مسلماً من القتل، فقد روي عن سويد بن حنظلة قال: "خرجنا نريد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنا وائل ابن حُجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنا أنه أخي، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدقت، المسلم أخو المسلم"، وكذلك يجب الحلف لمن تعينت عليه شهادة أمام الحاكم ليقول الحق، ففي مثل هذين الحالين فالأيمان تجب على من تعينت عليه.

       2.    مندوبة : ويندب الحلف للإصلاح بين متخاصمين، أولإزالة حقد، ودفع شر عن بعض المسلمين.

       3.    مباحة : نحو الحلف على فعل أي شيء مباح أوتركه، نحو من حلف أن كل ما في البخاري صحيح ونحو ذلك.

ويدخل في ذلك الحلف على إثبات حق لك لدى الحاكم أوالقاضي، وتحرُّجُ البعض عن الحلف لنيل حقه في غير محله، وفيه ضياع للحقوق، وربما سوء ظن بالذي أحجم عن الحلف؛ فإن كنت صادقاً ومتيقناً أن الحق معك فلا تتحرج من اليمين، ولو كان على المصحف، وإن كان خلاف الأولى، فكم من حقوق ضاعت بسبب تحرج البعض عن الحلف، وكم من ظلمة تجاسرت على حقوق الآخرين.

قال ابن قدامة رحمه الله: (فأما الحلف على الحقوق عند الحاكم ، ففيه وجهان، أحدهما أن تركه أولى من فعله فيكون مكروهاً ، ذكر ذلك أصحابنا وأصحاب الشافعي، لما روي أن عثمان والمقداد تحاكما إلى عمر، في مال استقرضه المقداد، فجعل عمرُ اليمين على المقداد، فردها على عثمانَ، فقال عمر: لقد أنصفك. فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف، فقال: خفت أن يوافق قدرٌ بلاءً فيقال: يمين عثمان. والثاني أنه مباح فعله كتركه، لأن الله أمر نبيه بالحلف في ثلاثة مواضع، وروى محمد بن كعب القرظي أن عمر قال على المنبر، وفي يده عصاه: "أيها الناس لا تمنعكم اليمينُ عن حقوقكم، فوالذي نفسي بيده إن في يدي لعصا". وروى عمر بن شيبة في كتاب "قضاة البصرة" بإسناده عن الشعبي : أن عمر وأبياً احتكما إلى زيد في نخل ادعاه أبي ، فتوجهت اليمين على عمر ، فقال زيد : أعف أمير المؤمنين. فقال عمر : ولم يعفي أمير المؤمنين ؟ إن عرفت شيئاً استحققته بيميني، وإلا تركته، والله الذي لا إله إلا هو، إن النخل لنخلي، وما لأبي فيه حق. فلما خرجا وهب النخل لأبي. فقيل له: يا أمير المؤمنين هلا كان هذا قبل اليمين؟ قال: خفت أن لا أحلف، فلا يحلف الناس على حقوقهم بعدي فيكون سنة. ولأنه حَلِفُ صدق على حق حق، فأشبه الحلف عند غير الحاكم).

قلت: جزى الله الإسلامَ عن عمر كل خير، فقد كان عمر ناصحاً أميناً لهذه الأمة، وما فعله هو الراجح، وهو الحق، وهو السنة، وما فعله عثمان رضي الله عنه هو من باب الفضل والورع، وهو أهل لذلك كله، خاصة وكان الدين في النفوس حياً، وكانت الضمائر متقدة ، أما الآن فقد ضعف الوازع الديني، وتجاسر كثير من الناس على حقوق الآخرين، بحيث يحلف المرء اليوم على حقه ثم لا ينله ، بسبب بعض الحيل والثغرات يستغلها نفر من المحامين وغيرهم.

     4.  مكروهة : وهو أن يحلف على فعل مكروه أوترك مندوب، ومن أمثلة الحلف المكروه الحلف في البيع والشراء ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحلف منفق للسلعة ، ممحق للبركة".

     5.  حرام : وهو الحلف الكاذب، وهذا من الحرام البين، ومن الكبائر الموبقة، قال تعالى: "ويحلفون على الله الكذب وهم يعلمون"، وقال: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم".

وقال صلى الله عليه وسلم: "من حلف يميناً فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي اللهَ وهو عليه غضبان".

ومن هذا القسم الحلف على ترك واجب أو فعل محرم.

 

الأيمان التي تكفر، والتي لا تكفر

الأيمان أربعة أقسام، هي:

    1.  قسم لا يحتاج إلى كفارة، وهو لغو الأيمان، مثل قول الرجل: لا والله، وبلى والله. أويحلف على شيء وهو يظن أنه حق أوأنه موجود وهو على غير بذلك، فهو اللغو معفو عنه، قال تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم".

     2.  قسم لا تمحوه الكفارة، وهي اليمين الفاجر الكاذبة، ولهذا قال العلماء: يمينان لا تكفران، وهما قول الرجل: والله ما فعلت كذا وكذا، وقد فعل؛ ووالله قد فعلت كذا وكذا، ولم يفعل؛ فهو يحلف ويعلم أنه كاذب في حلفه.

     3.  وقسم اليمين الغموس ، وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في النار، وهو أن يحلف ليستقطع حقاً من حقوق الناس له أو لغيره فقد يبيع الإنسان دينه بدنيا غيره، وهي يمين المكر والخديعة، والكذب، وهي لا تنعقد ولا كفارة لها إلا بالتوبة الصادقة، وبرد الحقوق إلى أصحابها.

عن ابن مسعود يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان".

وعن أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة. قال رجل : وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك".

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله. قال: ثم ماذا؟ قال عقوق الوالدين. قال: ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس. قلت: ما الغموس؟ قال: التي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب".

فاحذر أخي الكريم أن تبيع آخرتك بدنياك أو دنيا غيرك، واحذر الكذب فإن المؤمن يطبع على كل شيء إلا على الكذب.

    4.  وقسم تمحوه الكفارة، نحو قول الرجل: "والله لا أفعل كذا وكذا" ثم يفعل، وقوله: "والله لأفعلن كذا وكذا" ثم لا يفعل، وهذه اليمين تنعقد وشرعت فيها الكفارة.

 

المحلوف به الذي إذا حنث عليه الكفارة

"من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"، إذ لا يصح الحلف بأي شيء من مخلوقات الله عز وجل ، أما الله تجلت قدرته وتقدست أسماؤه فله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته.

فيجوز للحالف أن يحلف بأي اسم من أسماء الله عز وجل، أوبأي صفة من صفاته، نحو: الله، الرحمن، الرحيم، وعزة الله وقدرته.

واعلم أخي الكريم أن حلفك بالله كاذباً خير من حلفك بغير الله صادقاَ، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد أشرك"، فالحذر كل الحذر من الحلف بالآباء، والأمهات، وبالأولياء والصالحين، والأنبياء والمرسلين، فكل ذلك ممنوع محذر منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قال واللات فليقل لا إله إلا الله".

قال ابن قدامة رحمه الله: (أجمع أهـل العلـم على أن من حلف بالله عز وجل، فقال: والله، أوبالله، أوتالله، فحنث، أن عليه الكفارة، قال ابن المنذر: وكان مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، يقولون: من حلف باسم من أسماء الله تعالى فحنث فعليه الكفارة، ولا نعلم في هذا خلافاً إذا كان من أسماء الله عز وجل التي لا يسمى بها سواه؛ وأسماء الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام.

ثم فصل ذلك، وملخصها:

              1.    أحدها ما لا يسمى به غير الله، نحو الرحمن.

              2.    الثاني ما يسمى به غير الله مجازاً، نحو : الخالق، الرازق، الرب.

              3.    الثالث ما يسمى به الله تعالى وغيره، نحو: الحي، العالم، الموجود، الكريم.

فهذا إن قصد به اليمين باسم الله تعالى كان يميناً، وإلا فلا.

ثم قال: القسم بصفات الله تعالى، كالقسم بأسمائه وصفاته، تنقسم أيضاً ثلاثة أقسام:

ثم فصل فيها، نلخصها في الآتي:

        أحدها: ما هو صفات لذات الله تعالى لا يحتمل غيرها ، نحو وعزة الله ، وعظمته ، وجلالـه ، وكبريائه.

        والثاني: ما هو صفة للذات ويوصف بها غيره مجازاً، كعلم الله وقدرة الله.

        الثالث: ما لا ينصرف بإطلاقه إلى صفة الله تعالى، لكن ينصرف بإضافته إلى الله، نحو: العهد، والميثاق، وحكم هذا كحكم القسم الثالث في الأسماء.

إلى أن قال: وإن قال: لعمر الله ، فهي يمين موجبة للكفارة، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي : إن قصد اليمين، فهي يمين، وإلا فلا).

وكذلك إن قال: وأيم الله، وأيمن الله.

 

الحلف بالقرآن أو بآية منه

ذهب في ذلك أهل العلم مذهبين هما

        1.   الحلف بالقرآن، أوبعض آيه وسوره، أوبكلام الله، يمين منعقدة تجب بها الكفارة إذا حنث، وهذا مذهب العامة من أهل العلم: ابن مسعود، والحسن، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد.

        2.   ليس بيمين، ولا تجب فيه كفارة.

 

الحلف بالمصحف

قال أحمد وإسحاق يمين، وكان قتادة يحلف بالمصحف.

وقال أبو حنيفة: لا كفارة عليه.

 

قول الرجل هو يهودي، أونصراني، أومجوسي، أوبريء من الإسلام، أومن النبي صلى الله عليه وسلم

من قال ذلك ذهب فيه أهل العلم مذهبين إذا حنث

         1.    عليه الكفارة، وهو قول عطاء، وطاوس، والحسن، والثوري، والشعبي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وقد روي ذلك عن زيد بن ثابت.

         2.     لا كفارة عليه، وهذا مذهب مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، والليث، وأبي ثور، وابن المنذر.

والراجح ما ذهب إليه مالك والشافعي ومن وافقهما، لأن ذلك ليس حلفاً بالله ولا باسم من أسمائه ولا صفة من صفاته، والله أعلم.

 

الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

لا تنعقد اليمين بالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: "من كان حالفاً فليحلف بالله أوليصمت"، وهذا ما عليه العامة من أهل العلم، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، ورواية عن أحمد؛ وانفرد أحمد في رواية عنه بأن من حلف بالنبي صلى الله عليه وسلم انعقدت يمينه، ويرد ما ذهب إليه أحمد الأخبار الصحاح.

قال القرطبي رحمه الله: (لا تنعقد اليمين بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته. وقال أحمد بن حنبل: إذا حلف بالنبي صلى الله عليه وسلم انعقدت يمينه، لأنه حلف بما لا يتم الإيمان إلا به، فتلزمه الكفارة، كما لو حلف بالله، وهذا يرده ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"، وهذا حصر في عدم الحلف بكل شيء سوى الله تعالى وأسمائه وصفاته كما ذكرنا. ومما يحقق ذلك ما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون"، ثم ينتقض عليه ـ على أحمد ـ بمن قال: وآدم، وإبراهيم، فإنه لا كفارة عليه، وقد حلف بما لا يتم الإيمان إلا به).

 

الاستثناء في الحلف

من حلف واستثنى وكان استثناؤه متصلاً بيمينه ثم حنث فلا كفارة، أما إن فصل بين حلفه واستثنائه فعليه الكفارة إن حنث، إلا عند ابن عباس ومن وافقه حيث أجاز الاستثناء ولو بعد حين.

ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف وقال: إن شاء الله، فقد حنث"، ولأبي داود: "من حلف، فاستثنى، فإن شاء رجع، وإن شاء ترك"، ولا يكفي الاستثناء بالقلب أوالنية، بل لابد أن يتلفظ به.

قال القرطبي رحمه الله: (إذا انعقدت اليمين حلتها الكفارة أوالاستثناء. وقال ابن الماجشون: الاستثناء بدل عن الكفارة وليست حلاً لليمين. قال ابن القاسم: هي حل لليمين. وقال ابن العربي: وهو مذهب فقهاء الأمصار وهو الصحيح. وشرطه أن يكون متصلاً منطوقاً به لفظاً، إلى أن قال: وقال ابن عباس: يدرك الاستثناء اليمين بعد سنة، وتابعه على ذلك أبو العالية، والحسن، وتعلق بقوله تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر" الآية، فلما كان بعد عام نزل: "إلا من تاب"، وقال مجاهد: من قال بعد ستين: إن شاء الله أجزأه. وقال سعيد بن جبير: إن استثنى بعد أربعة أشهر أجزأه. وقال طاوس: له أن يستثني ما دام في مجلسه. ثم قال: قال ابن العربي: أما ما تعلق به ابن عباس من الآية فلا متعلق له فيها، لأن الآيتين كانتا متصلتين في علم الله تعالى وفي لوحه، وإنما تأخر نزولها لحكمة).

ومما يدل على أن الاستثناء إذا تأخر عن اليمين لا قيمة له قوله تعالى لأيوب عليه السلام: "وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث"، وكما قيل: فما الذي يمنعه من أن يقول : قل إن شاء الله!

وقال ابن قدامة: (وجملة ذلك أن الحالف إذا قال: إن شاء الله مع يمينه فهذا يسمى استثناء.. وأنه متى استثنى في يمينه لم يحنث فيها.

إلى أن قال: إذا ثبت هذا ، فإنه يشترط أن يكون الاستثناء متصلاً باليمين بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبي، ولا يسكت بينهما سكوتاً يمكنه الكلام فيه، فأما السكوت لانقطـاع نَفَسه، أوصوته، أوعيّ، أوعارض، من عطسة أوشيء غيرها، فلا يمنع صحة الاستثناء، وثبوت حكمه، وبهذا قال مالك، والشافعي، والثوري  وأبو عبيد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

إلى أن قال: ويشترط أن يستثني بلسانه، ولا ينفعه الاستثناء بالقلب في قول عامة أهل العلم، منهم الحسن، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو حنيفة، و ابن المنذر، ولا نعلم لهم مخالفاً).

 

من استحلف على حق فإن اليمين على نية المستحلف

اليمين في جميع الحالات على نية الحالف، إلا إذا استحلف فهي على نية المستحلف: "يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك"، وفي رواية: "اليمين على نية المستحلِف" بكسر اللام.

قال الإمام النووي رحمه الله: (وهذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقاً فحلّفه القاضي فحلف وورَّى فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي، ولا تنفعه التورية، وهذا مجمع عليه. ودليله هذا الحديث والإجماع، فأما إذا حلف بغير استحلاف القاضي، وورى تنفعه التوريـة، ولا يحنث، سواء حلف ابتداء من غير تحليـف أوحلفه غير القاضي، وغير نائبه في ذلك، ولا اعتبار بنية المستحلف غير القاضي.

وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فتكون على نية المستحلف، وهو مراد الحديث، أما إذا حلف عند القاضي من غير استحلاف القاضي في دعوى فالاعتبار بنية الحالف، وسواء في هذا كله اليمين بالله، أوبالطلاق ، أوبالعتاق، إلا أنه إذا حلفه القاضي بالطلاق، أوبالعتاق تنفعه التورية ويكون الاعتبار بنية الحالف، لأن القاضي ليس له التحليف بالطلاق والعتاق، وإنما يستحلف بالله تعالى.

واعلم أن التورية وإن كان لا يحنث بها فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق مستحق، وهذا مجمع عليه ، هذا تفصيل مذهب الشافعي وأصحابه.

ونقل القاضي عياض عن مالك وأصحابه في ذلك اختلافاً وتفصيلاً، فقال: لا خلاف بين العلماء أن الحالف من غير استحلاف، ومن غير تعلق حق بيمينه له نيته، ويقبل قوله، وأما إذا حلف لغيره في حق أووثيقة متبرعاً، أوبقضاء عليه فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه سواء حلف متبرعاً أوباستحلاف. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فقيل اليمين على نية المحلوف له، وقيل على نية الحالف، وقيل إن كان مستحلفاً فعلى نية المحلوف له، وإن كان متبرعاً باليمين فعلى نية الحالف، وهذا قول عبد الملك وسحنون، وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم، وقيل عكسه، وهي رواية يحيى عن ابن القاسم، وقيل تنفعه فيما لا يقضى به عليه، ويفترق التبرع وغيره فيما يقضى به عليه. وهذا مروي عن ابن القاسم أيضاً. وحكي عن مالك أن ما كان من ذلك على وجه المكر والخديعة فهو فيه آثم حانث ، وما كان على وجه العذر فلا بأس به . وقال ابن حبيب عن مالك: ما كان على وجه المكر والخديعة فله نيته، وما كان في حق فهو على نية المحلوف له. قال القاضي: ولا خلاف في إثم الحالف بما يقع به حق غيره وإن ورى ، والله أعلم).

وخلاصة ما قاله القاضي عياض والإمام النووي أن اليمين على نية الحالف، إلا إذا استحلف المرء على حق وجب عليه فإنها تكون على نية المستحلف له، سواء كان قاضياً أومن ينوب عنه ، أوصاحب حق، كزوجة تريد نفقتها ونفقة عيالها، أومن له دين على مليّ مماطل.

أما اليمين لغير صاحب حق سواء كان استحلف أو تبرع به لاعتذار ونحوه، فله أن يوري عن ذلك، وله نيته، بأن يحلف أنه لا يملك مالاً ويعني بذلك في جيبه أو بيته، وقد يكون له مال في مكان آخر، ونحو ذلك، والله أعلم.

 

من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً فليأت التي هي خير وليكفر عن يمينه

من حلف على حرام أو مكروه أو مباح، ثم رأى غيرها خيراً منها، فعليه أن يأتي التي هي خير ويكفر عن يمينه، ولا إثم عليه في ذلك، بل الإثم في إصراره على فعل الحرام وامتناعه عن الحلال.

ودليل ذلك ما خرجه مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".. وإني والله ، إن شاء الله، لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي خير".

وقد ورد هذا الحديث بروايات مختلفة مع اتحاد المعنى.

قال الإمام النووي رحمه الله: (في هذه الأحاديث دلالة على من حلف على فعل شيء أو تركه وكان الحنث خيراً من التمادي على اليمين فحنث فعليه كفارة يمين مع خلاف بين أهل العلم في ذلك.

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم الإمام رحمه الله  فإن حلف باسم الله فهي أيمان منعقدة بالنص والإجماع، وفيها الكفارة إذا حنث، وإذا حلف بما يلتزمه لله كالحلف بالنذر، والظهار، والحرام، الطلاق، والعتاق، مثل أن يقول: إن فعلت كذا فعلي عشـر حجج، أوفمالي صدقة، أوعليّ صيام شهر، أوفنسائي طوالق، أوعبيدي أحرار، أويقول: الحل عليه حرام لا أفعل كذا، أوالطلاق يلزمني لا أفعل كذا، أوإلا فعلت كذا، وإن فعلت كذا فنسائي طوالق ، أوعبيدي أحرار، ونحو ذلك ، فهذه الأيمان أيمان المسلمين عند الصحابة وجمهور العلماء، وهي أيمان منعقدة، وقالت طائفة: بل هو من جنس الحلف بالمخلوقات فلا تنعقد، والأول أصح، وهو قول الصحابة، فإن عمر، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم كنوا ينهون عن النوع الأول، وكانوا يأمرون من حلف بالنوع الثاني أن يكفر عن يمينه، ولا ينهونه عن ذلك، فإن هذا من جنس الحلف بالله والنذر لله، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" كفارة النذر كفارة يمين".

فقول القائل: لله عليّ أن أفعل كذا. إن قصد به اليمين فهو يمين، كما لو قال: لله عليّ كذا، أوإن أقتل فلاناً فعلي كفارة. في مذهب  أحمد، وأبي حنيفة، وهو الذي ذكره الخرسانيون في مذهب الشافعي، فالذين قالوا: هذه يمين منعقدة منهم من ألزم الحالف بما التزمه، فألزمه إذا حنث بالنذر، والطلاق، والعتاق، والظهار، والحرام، وهو قول مالك وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة.

ومنهم من فرق بين الطلاق والعتاق، وبين غيرهما، وهو المعروف عن الشافعي، ومنهم من فرق بين الطلاق وغيره، وهو أبو ثور.

والصحيح أن هذه الأيمان كلها فيها كفارة إذا حنث، ولا يلزمه إذا حنث لا نذر، ولا طلاق، ولا عتاق، ولا حرام. وهذا معنى أقوال الصحابة، وفقد ثبت النقل عنهم صريحاً بذلك في الحلف بالعتق والنذر، وتعليلهم ، وعموم كلامهم يتناول الحلف بالطلاق، وقد ثبت عن غير واحد من السلف أنه لا يلزم الحلف بالطلاق طلاقاً كما ثبت عن طاوس، وعكرمة، وعن أبي جعفر، وجعفر ابن محمد، ومن هؤلاء من ألزم الكفارة وهو الصحيح، ومنهم من لم يلزمه الكفارة.

فللعلماء في الحلف بالطلاق أكثر من أربعة أقوال، قيل يلزمه مطلقاً كقول الأربعة، وقيل لا يلزمه مطلقاً كقول أبي عبد الرحمن الشافعي وابن حزم وغيرهما، وقيل إن قصد به اليمين يلزمه، وهو أصح الأقوال، وهو معنى قول الصحابة اليمين).

 

ثانياً : الكفارة

تمهيد

لقد خص الله هذه الأمة، كما خص رسولها صلى الله عليه وسلم بخصائص لم يخص بها أحداً من العالمين، ولم يمنحها لأحد من السابقين، من تلكم الخصائص والميزات التي انفردت بها الأمة الإسلامية على ما سواها الكفارة، حيث لم يكن في شرع من قبلنا كفارة، بل كانت اليمين توجب عليهم فعل المحلوف عليه، ولهذا (أمر الله أيوب عليه السلام أن يأخذ بيده ضغثاً فيضرب به، ولا يحنث، لأنه لم يكن في شرعه كفارة يمين، ولو كان في شرعه كفارة يمين كان ذلك أيسر عليه من ضرب امرأته ولو بضغث).

فعلينا أن نعرف لهذه النعم قدرها، وأن نوليها شكرها، ونعمل على نشرها، وأن لا نستهين بفعلها.

الأيمان كما سبق أن ذكرنا يمينان، يمين فاجرة كاذبة، الغرض منها المكر والخديعة والغدر، فهذه لا تنعقد ولا كفارة عليها عند عامة أهل العلم، لأنها أكبر من أن تكفرها أوتمحوها حفنة من طعام ، أو خرقة من لباس، وهي اليمين الغموس التي تستقطع بها حقوق العباد، وينتشر بواسطتها الفساد والحقد في البلاد، وهي أن يحلف وهو موقن أنه كاذب، فاجر، مخادع، مماكر، فهذه ليس لصاحبها إلا التوبة النصوح ورد الحقوق إلى أصحابها، أواستسماحهم إن تيسر، أوالدعاء لهم.

أما اليمين التي تنعقد وتمحوها الكفارة فهي اليمين التي تكون في المستقبل وينوي صاحبها الوفاء بها ، ولكن لم يتمكن من ذلك ، إما لأنه رأى غيرها خيراً منها، وإما لعدم بر المحلوف عليه لقسمه، وإما لضعف وعجز ونحو ذلك.

ومن رحمة الله عز وجل بعباده كذلك أن جعل كفارة اليمين على التخيير ، فالحانث في يمينه بالخيار بين الإطعام، والكسوة، أوالعتق، فبدأ بالأمور التي خيرها متعدٍ على الفقراء والمساكين والمملوكين، لأنهم أولى الخلق بالرحمة والعطف والإنفاق، ثم لم يضيق على عباده، فمن لم يجد سبيلاً إلى الإطعام ولا الكسوة والعتق، فقد رخص له في الصوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما كان في كتاب الله "أو" فهو مخير فيه، وما كان "فمن لم يجد" فالأول الأول).

فكفارة اليمين ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع لقوله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمـأن فكفارته إطعام عشـرة مساكين من أوسط ما تطعمـون أهليكـم أوكسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم" الآية، ومن السنة الحديث السابق: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك"، ولهذا أجمعت الأمة على مشروعيتها وثبوتها، لهذه الأدلة ولغيرها.

واعلم أخي الكريم أن الكفارة عبادة من العبادات، والعبادات توقيفية، لا مجال للعقل فيها والرأي، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقال في حجة الوداع: "لتأخذوا عني مناسككم"، فالحذر كل الحذر من إفراغ النصوص من مدلولها، وعليك بمنهج السلف الأذكياء الأخيار، سيما الصحابة الأطهار من المهاجرين والأنصار، فإنهم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً ، وأفضلها منهجاً وسبيلاً؛ واحذر واجتنب مسلك المبتدعة المغرورين الأشرار، قديماً وحديثاً، فإنهم على سبل كلها تقود إلى النار، وتوجب غضب الجبار وتورث دار البوار.

 

كفارة اليمين مرتبة

أولاً : الحر

الإطعام  

قال تعالى: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم" الآية، مسلمين أحراراً، صغاراً كانوا أم كباراً، ذكوراً كانوا أم إناثاً.

والمراد بالأوسط الأعلى والأفضل، وقيل الوسط.

فالإطعام إما أن يعطي كل واحد من العشرة مداً، وقيل مد ونصف؛ وقيل من البر نصف صاع ومن التمر والشعير والذرة ونحوها صاع؛ وإما أن يغدي العشرة ويعشيهم، سواء كان يصنعه لهم في منزله أو يذهب بهم إلى مطعم، شريطة أن يشبعهم.

ولا يجزئ أن يعطيهم مبلغاً من المال ليطعموا أنفسهم، ولا يكفي أن يعطيهم خبزاً بدون إدام، ولا وجبة واحدة.

أما دفع الكفارة لمسكين واحد أو أكثر لمدة أيام فمنع من ذلك مالك والشافعي ومن وافقهم، وأجازه أبو حنيفة ، رحم الله الجميع.

و لا يجوز أن يطعم غنياً أوذا رحم تجب عليه نفقته ، واستحب مالك أن لا يطعم ذا رحم لا تجب عليه نفقته.

قال القرطبي رحمه الله: (قال مالك: إن غدى عشرة مساكين وعشاهم أجزأه، وقال الشافعي: لا يجوز أن يطعمهم جملة واحدة، لأنهم يختلفون في الأكل، ولكن يعطي كل مسكين مداً. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا يجزئ إطعام العشرة وجبة واحدة، يعني غداءاً دون عشاء، أو عشاءاً دون غداء، حتى يغديهم ويعشيهم، قال أبو عمر ـ  ابن عبد البر: وهو قول أئمة الفتوى بالأمصار، وقال ابن حبيب: ولا يجزئ الخبز قَفَاراً بل يعطي معه إدامه.

إلى أن قال : لا يجوز عندنا دفع الكفارة إلى مسكين واحد، وبه قال الشافعي، وأصحاب أبي حنيفة يمنعون صرف الجميع إلى واحد دفعة واحدة، ويختلفون فيما إذا صرف الجميع في يوم واحد بدفعات مختلفة، فمنهم من أجاز ذلك.. وقال آخرون: يجوز دفع ذلك إليه في أيام، وإن تعدد الأيام يقوم مقام أعداد المساكين).

وقال ابن قدامة رحمه الله: (أن يكونوا أحراراً، فلا يجزي دفعها إلى عبد، ولا مكاتب، ولا أم ولد، وبهذا قال مالك والشافعي... مسلمين، ولا يجوز صرفها إلى كافر ذمياً كان أوحربياً).

 

الكسوة

 أ‌.   للرجل: قميص وسروال، أوجلابية أوثوب وعمامة.

ب‌.  للمرأة: ما يجزئها فيها الصلاة، وهو درع وخمار، وعباءة وخمار، أوثوب ساتر، أوفستان يغطي جميع بدنها.

ففي الجملة ثوبان لكل مسكين مسلم حر من العشرة، ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، ويشترط فيهم أن يكونوا مسلمين أحراراً.

والكسوة تكون من أوسط ما يلبس الناس.

لا يجزئ القيمة في الكسوة كما لا تجزئ في الإطعام.

قال القرطبي: (والكسوة في حق الرجال الثوب الواحد الساتر لجميع الجسد، فأما في حق النسـاء، فأقل ما يجزيهن فيه الصلاة، وهو الدرع والخمار، وهكذا حكم الصغار، قال ابن القاسم في "العتبية" تكسى الصغيرة كسوة كبيرة، قياساً على الطعام، وقال الشافعي، وأبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي: أقل ما يقع عليه الاسم وذلك ثوب واحد. وفي رواية أبي الفرج عن مالك، وبه قال إبراهيم النخعي ومغيرة: ما يستر جميع البدن، بناءاً على أن الصلاة لا تجزئ في أقل من ذلك... وقال ابن العربي: وما كان أحرصني على أن يقال: إنه لا يجزئ إلا كسوة تستر عن أذى الحر والبرد، كما أن عليه طعاماً يشبعه من الجوع فأقول به، وأما القول بمئزر واحد فلا أدريه.

إلى أن قال: قد راعى قوم معهود الزي والكسوة المتعارفة، فقال بعضهم: لا يجزئ الثوب الواحد إلا إذا كان جامعاً مما قد يتزيى به كالكساء والمِلْحَفة. وقال أبو حنيفة وأصحابه: الكسوة في كفارة اليمين لكل مسكين ثوب وإزار، أورداء أوقميص أوقباء وكساء. وروي عن أبي موسى الأشعري : أنه أمر أن يكسى عنه ثوبين ثوبين . وبه قال الحسن وابن سيرين.

إلى أن قال: ولا تجزئ القيمة عن الطعام والكسوة، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة تجزئ، وهو يقول تجزئ القيمة في الزكاة، فكيف في الكفارة! قال ابن العربي: وعمدته أن الغرض سد الخَلّة، ورفع الحاجة، فالقيمة تجزئ فيه، قلنا: إذا نظرنا إلى سد الخلة فأين العبادة؟ وأين نص القرآن على الأعيان الثلاثة والانتقال بالبيان من نوع إلى نوع؟).

وقال الخرقي: "ويجزئه إن أطعم خمسة وكسا خمسة " ، قال ابن قدامة: (بحيث يستوفي العدد أجزأه في قول إمامنا، والثوري، وأصحاب الرأي، وقال الشافعي لا يجزئ).

 

عتق رقبة  

ويشترط أن تكون مؤمنة، كاملة، سليمة من العيوب.

قال القرطبي: (التحرير الإخراج من الرق... لا يجوز عندنا إلا إعتاق رقبة مؤمنة كاملة، ليس فيها شرك لغيره، ولا عتاقة بعضها، ولا عتق إلى أجل، ولا كتابة، ولا تدبير، ولا تكون أم ولد، ولا من يعتق عليه إذا ملكه، ولا يكون بها من الهرم والزمانة ما يضر بها في الاكتساب، سليمة غير معيبة).

 

صيام ثلاثة أيام

لا ينتقل إلى الصيام إلا من عجز عن الإطعام والكسوة والعتق، والعجز يمكن أن يكون حقيقة أومجازاً، كغني في غير بلده.

وصيام كفارة اليمين لا يشترط فيه التتابع، ومن أهل العلم من اشترط ذلك.

قال القرطبي: (فإن عدم هذه الثلاثة الأشياء صام، والعدم يكون بوجهين: إما بمغيب المال عنه أوعدمه، فالأول أن يكون في بلد غير بلده، فإن وجد من يسلفه لم يجزه الصوم، وإن لم يجد من يسلفه فقد اختلف فيه، فقيل ينتظر إلى بلده، قال ابن العربي: وذلك لا يلزمه بل يكفر بالصيام، لأن الوجوب قد تقرر في الذمة واشتراط العدم قد تحقق فلا وجه لتأخير الأمر، فليكفر مكانه لعجزه عن الأنواع الثلاثة، لقوله تعالى: "فمن لم يجد". وقيل: من لم يكن له فضل عن رأس ماله الذي يعيش به فهو الذي لم يجد، وقيل هو من لم يكن له إلا قوت يومه وليلته، وليس عنده فضل يطعمه، وبه قال الشافعي، واختاره الطبري، وهو مذهب مالك وأصحابه، وروي عن ابن القاسم أن من تفضل عنه نفقة يومه فإنه لا يصوم، قال ابن القاسم في كتاب ابن مزين: إنه إن كان للحانث فضل عن قوت يومه أطعم ، إلا أن يخاف الجوع ، أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه، وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن عنده نصاب فهو غير واجد، وقال أحمد وإسحاق: إذا كان عنده قوت يوم وليلة أطعم ما فضل عنه. وقال أبو عبيد: إذا كان عنده قوت يومه وليلته وعياله وكسوة تكون لكفايتهم ، ثم يكون بعد ذلك مالكاً لقدر الكفارة فهو عندنا واجد، قال ابن المنذر: قول أبي عبيد حسن).

 

تنبيه

من أكل أو شرب ناسياً في صيامه، فرضاً كان أم تطوعاً فليتم صومه إنما أطعمه الله وسقاه.

ثانياً : كفارة العبد

الراجح والله أعلم أن العبد يكفر بالصوم فقط، لأنه لا يملك شيئاً بل هو ملك لسيده.

قال القرطبي: (هذه الكفارة التي نص الله عليها لازمة للحر المسلم باتفاق، واختلفوا فيما يجب منها على العبد إذا حنث، فكان سفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي يقولون ليس عليه إلا الصوم، لا يجزئه غير ذلك، واختلف فيه قول مالك، فحكى عن ابن نافع أنه قال: لا يكفر العبد بالعتق لأنه لا يكون له الولاء، ولكن يكفر بالصدقة إن أذن له سيده، وأصوب ذلك الصوم. وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: إن أطعم أو كسا بإذن السيد، فما هو بلين، وفي قلبي منه شيء).

 

من حلف على حال وتغيرت حاله بعد

فالعبرة بوقت الحلف بالنسبة للكفارة .

 

إذا مات الحالف وقد حنث

ذهب أهل العلم في إخراج الكفارة عنه ثلاثة أقوال:

       1.    من رأس ماله، وهذا مذهب الشافعي وأبي ثور.

       2.    تكون في الثلث، وهذا مذهب أبي حنيفة.

       3.    تكون في الثلث، لكن إذا أوصى بها، وإن لم يوص فلا تخرج عنه، وهذا مذهب مالك.

 

تقديم الكفارة قبل الحنث

العامة من أهل العلم أجازوا الكفارة قبل وبعد الحنث، منهم عمر، وابنه، وابن عباس، وسليمان الفارسي، ومسلمة بن مخلد رضي الله عنهم، ومن التابعين الحسن، وابن سيرين، وربيعـة، والأوزاعي، ومن الأئمة الثوري، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وقال أصحاب الرأي لا تجوز الكفارة قبل الحنث؛ أما قبل اليمين فقد منع منها الجميع.

 

الخلاصة

              1. عليك أن تحفظ لسانك من الحلف.

              2. إذا حلفت لا تحلف إلا بالله.

              3. وإذا حنثت فعليك أن تعجل بإخراج الكفارة.

              4. من حلف بغير الله فقد أشرك كما أخبر الصادق المصدوق.

              5. الحلف تعظيم ، فينبغي أن لا يصرف هذا التعظيم إلا لله عز وجل.

 

 

[ رجوع ]




         

contact us                         advertise with us                                     copy right © 2003-2004   NORELISLAM.TK   

the site is developed and designed by

HOSAM DOIDAR