xmlns:v="urn:schemas-microsoft-com:vml" xmlns:o="urn:schemas-microsoft-com:office:office" xmlns="http://www.w3.org/TR/REC-html40"> رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة

                                                     

الجمعية الشرعية لكفالة الطفل اليتيم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا وكافل اليتيم فى الجنه كهاتين وأشار بالسبابه والوسطى" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

الاسلام هو الحل


ركن النصيحة

ركن الذكرى

ركن الاسرة

ركن السلوك

ركن الدعوة

ركن العبادات

ركن العقائد

ركن الفتوى

ركن العبر والعظات

ركن المعاملات

لقاء الاحبة

الاربعون النووية

اصدقاء الموقع

إذاعة القرآن الكريم

قالوا وقلنا

اعلن عن موقعك معنا

مواقع تهمك

الاستاذ عمروخالد
جريدة افاق عربية
دليل وفاتورة التليفون
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ركن الدعوة

 

رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة
متى ترفع؟ ومتى لا ترفع؟ وكيفية رفعهما؟

حكم رفع اليدين في الدعاء المطلق

حكم رفع اليدين في الدعاء المقيد خارج الصلاة

رفع اليدين في الاستسقاء

صفة رفع اليدين في الاستسقاء

رفع اليدين إثر رمي الجمرة الصغرى والوسطى

رفع اليدين في الدعاء في أثناء الخطبة

لا ترفع الأيدي في الدعاء دبر الصلوات المكتوبات

من كره رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة مطلقاً ومقيداً

الخلاصة

 

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام، وأمرنا بطاعته، والتأسي به من غير قيد ولا شرط فقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وسوَّى في ذلك بين صغائر الأمور والعظام، إذ ليس في الدين شيء يسير كما قال مالك رحمه الله، وقد قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: "إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً".

لقد أمرنا الله بالدعاء وتعبدنا بذلك، ووعدنا بالإجابة والله لا يخلف الميعاد: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم"، والدعاء هوالعبادة، والعبادات توقيفية، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، ولا تصح عبادة إلا بدليل صحيح صريح، ثم أداؤها بصدق وإخلاص لله عز وجل، ومتابعة واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد..

فهذا بحث عن رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة، عن مشروعيته وحكمه، والمواطن التي ترفع فيها الأيدي، والمواطن التي لا ترفع فيها، وعن كيفية رفع اليدين، وصفة ذلك، وعن حكم مسح الوجه بهما إثر الدعاء، وما شاكل ذلك.

ومما دفعني إلى ذلك سؤال البعض واختلافهم في رفع اليدين في الدعاء دبر الصلوات المكتوبة خاصة، وللنزاع الذي ينشأ من حين لآخر في بعض المساجد بسبب ذلك، وقبل الشروع في المطلوب أود التنبيه على الآتي:

أولاً: إذا ثبتت العبادة فلا تصح مع الصدق إلا إذا وافقت هديه صلى الله عليه وسلم أوالإجماع في:

    ‌أ.  الكم.

   ‌ب.  والكيف.

   ‌ج.  والزمن.

   ‌د.  والموضع.

ثانياً: التنفل بالصلاة من أجل القربات، ولكن هناك ساعات يحرم فيها التنفل بها، وهناك ساعات يكره التنفل فيها، وكذلك القرآن هو أجلُّ الذكر، ولكن تحرم قراءته في الركوع، والذكر باللسان من أحب الأعمال، ولكن يحرم عند قضاء الحاجة، وهكذا.

ثالثاً: عند التنازع لا يجوز الاستدلال إلا بالدليل الصحيح الصريح، فلا يجوز استدلال بحديث ضعيف أوموضوع، ولا باختلاف لا يقوم على دليل، ولا بأفعال وأقوال الرجال إذا خالفت الدليل.

رابعاً: الحديث الصحيح لا يستدل به إلا إذا كان في موضع النزاع، فالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مشروعة ومن أفضل الذكر، ولكنها تكون مردودة إذا قالها الإنسان إثر العطاس بأن قال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، فالحمد لله هذا مكانه، والصلاة مردودة على صاحبها بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس مه فهو رد".

خامساً: عند التنازع لابد من الرد إلى الله والرسول والرضا والتسليم لحكمهما، ولا يتم ذلك إلا بنبذ الهوى والتقليد.

والله أسأل أن يوفقنا لطاعته وعبادته ولاتباع نبيه، وأن يشرح صدورنا للإسلام، وأن يملأها تقوى وإيمان، وصلى الله وسلم على خيرته من ولد عدنان وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان.

    حكم رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة

الدعاء ينقسم خارج الصلاة إلى قسمين كبيرين، هما:

أولاً: الدعاء المطلق.

ثانياً: الدعاء المقيد.

ولكل من هذين القسمين أنواع عدة، وحكم هذين القسمين يختلف، وسنفصل القول في ذلك.

    (‌أ)  حكم رفع اليدين في الدعاء المطلق

حكمه مشروع جائز.

الأدلة على مشروعية رفع اليدين واستحبابه في الدعاء المطلق كثيرة جداً، نذكر منها ما تيسر:

 o  عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم البقيع فقام وأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف، قال: إن جبرل عليه السلام أتاني فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم".

 o  وعن عمر رضي الله عنه قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه، يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني؛ فما زال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداءه عن منكبيه".

 o  وعن أنس رضي الله عنه قال: "صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بكرة، وقد خرجوا بالمساحي، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: الله أكبر، خربت خيبر"

 o  وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس.. وإن أبا عامر رضي الله عنه استشهد فقال لأبي موسى: يا ابن أخي، ائت النبي صلى الله عليه وسلم فقل له: استغفر لي؛ ومات أبو عامر، قال أبو موسى: فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فدعا بماء فتوضأ، ثم رفع يديه فقال: اللهم اغفر لعبدك أبي عامر؛ ورأيتُ بياض إبطيه، ثم قال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك ومن الناس؛ فقلت: ولي فاستغفر؛ فقال: اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً".

 o  وعن أبي هريرة رضي الله عنه : "أن رسول الله صلى ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، فأنى يستجاب لذلك".

 o  وعن سهل بن سعد رضي الله عنه: "أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم؛ فصلى بهم أبو بكر رضي الله عنه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت، فالتفتَ أبو بكر رضي الله عنه، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن اثبت مكانك، فرفع أبو بكر يديه رضي الله عنه فحمد الله تعالى على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك".

 o  عن عائشة رضي الله عنها قالت: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعاً يديه يقول: إنما أنا بشر فلا تعاقبني، أيما رجل من المؤمنين آذيته أوشتمته فلا تعاقبني فيه".

 o  وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة وتهيأ ورفع يديه، وقال: اللهم اهدِ دوساً وأتِ بها".  

 o  وعن جابر رضي الله عنهما أن الطفيل بن عمرو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل لك في حصن حصين ومنعة، وذكر الحديث في هجرته مع صاحب له، وأن صاحبه مرض فجزع فجرح يديه فمات، فرآه الطفيل في المنام، فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ما شأن يديك؟ قال: قيل لن يصلح منك ما أفسدتَ من نفسك؛ فقصها الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم وليديه فاغفر، رفع يديه".

 o  وعن علي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه زوجها أنه يضربها، فقال: اذهبي فقولي: كيت وكيت، إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول؛ فذهبت ثم عادت فقالت: إنه عاد يضربني؛ فقال: اذهبي فقولي له: كيت وكيت؛ فقالت: إنه يضربني؛ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال: اللهم عليك بالوليد".

 o  وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "رأيت رسول الله صلى رافعاً يديه حتى بدا ضبعاه يدعو لعود عثمان رضي الله عنه".

 o  وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: "أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه".

 o  وعن سلمان بالفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حي كريم سخي، إذا رفع الرجل يديه أن يردهما صفراً خائبتين".

 o  وقال ابن عمر رضي الله عنهما: "رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد".

 o  وعن عبد الرحمن بن سمرة في قصة الكسوف: "فانتهيتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يدعو".

 o   وعن أبي هريرة في فتح مكة: "فرفع يديه وجعل يدعو".

 o  وعن أبي حميد رضي الله عنه في قصة ابن اللتبية: "ثم رفع يديه يدعو حتى رأيت عفرة إبطيه، يقول: اللهم هل بلغت".

 o  وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قول إبراهيم وعيسى، فرفع يديه، وقال: اللهم أمتي".

 o  وعن عمر رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل الله عليه يوماً، ثم سري عنه، فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا".

 o  وعن أسامة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى".

 o  وعن قيس بن سعد عند أبي داود: "ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو وهو يقول: اللهم صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة".

لهذه الأحاديث وغيرها كثير، أجاز أهل العلم رفع اليدين في الدعاء، سيما المطلق خارج الصلاة، لقد بلغت أحاديث رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة درجة التواتر المعنوي.

كما يجوز الدعاء من غير رفع اليدين.

    (‌ب)  حكم رفع اليدين في الدعاء المقيد خارج الصلاة

يتفاوت حكم رفع اليدين في الدعاء المقيد خارج الصلاة تفاوتاً كبيراً، فبينما أجمع العامة من أهل العلم على تأكيد سنيته في بعض المواطن، منعوا رفعها منعاً مطلقاً في بعضها لعدم وجود الدليل على ذلك، وسنفصل القول في ذلك لأنه هو الدافع لكتابة هذا البحث.

 1.  رفع اليدين في الاستسقاء

هذا من آكد المواطن المقيدة التي استحب أهل العلم فيها رفع اليدين في الدعاء، بل كادوا أن يجمعوا على ذلك، بله ومن أهل العلم من منع رفع اليدين في الدعاء إلا في الاستسقاء، وذلك لما صح عن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء" الحديث، سواء في ذلك كان طلب السقيا بصلاة الاستسقاء أم بغيرها.

  الأدلة على ذلك

 1.  عن أنس رضي الله عنه قال: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس؛ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون، قال: فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بشق المسافر، ومنع الطريق".

  2.  وعنه رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يُرى بياضُ إبطيه".

 3.  وفي رواية عنه قال: "أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى، فبنيا النبي صلى يخطب في يوم جمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قَزَعة ـ فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيتُ المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد، حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي ـ أوقال غيره ـ فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا؛ فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولاعلينا، فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجَوْبَة، وسال الوادي قناة شهراً، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود".

   صفة رفع اليدين في الاستسقاء

تختلف صفة رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء عن غيره في الآتي:

  1.    يبالغ في رفع اليدين في الاستسقاء ما لا يبالغ في غيره من المواطن، حتى تصير اليدان حذو الوجه مثلاً وفي غيرها حذو المنكبين.

  2.  في الاستسقاء الكفان تليان الأرض، وفي غيره تليان السماء، وبذلك يؤول حديث أنس السابق: "لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء"، ليوفق بينه وبين الأحاديث المستفيضة التي بينت رفع يديه في الدعاء في غير الاستسقاء.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وحاصله أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلاً، وفي الدعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما "حتى يُرى بياض إبطيه"، بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره، وأما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض، وفي الدعاء يليان السماء، قال المنذري: وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح؛ قلت: ولا سيما مع كثرة الأحاديث الواردة في ذلك، فإن فيه أحاديث كثيرة أفردها المنذري في جزء سرد منها النووي في "الأذكار"، وفي "شرح المهذب" جملة، وعقد لها البخاري أيضاً في "الأدب المفرد" باباً.

وقال في موضع آخر: وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره، وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة، إما الرفع البليغ فيدل عليه قوله "حتى يُرى بياض إبطيه"، ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما جهة وجهه حتى حاذتاه وبه حينئذ يُرى بياض إبطيه، وأما صفة اليدين في ذلك فلما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس: "أن رسول الله صلى استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء"، ولأبي داود من حديث أنس أيضاً: "كان يستسقي هكذا، ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرضَ، حتى رأيتُ بياضَ إبطيه"، قال النووي: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء، انتهى؛ وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهراً لبطن، كما قيل في تحويل الرداء، أوهو إشارة إلى صفة المسؤول، وهو نزول السحاب إلى الأرض).

 2.  رفع اليدين إثر رمي الجمرة الصغرى والوسطى

من مواطن الدعاء المقيدة التي ترفع فيها اليدان إثر رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق الثلاثة، وذلك لما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كان يرمي الجمرة بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يستقبل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيستقبل ويقوم طويلاً ويدعو، ويرفع يديه، ثم يرمى جمرة ذات العقبة ولا يقف عندها، ثم ينصرف، فيقول: هكذا رأيتُ رسول الله صلى يفعله".

 3.   رفع اليدين في الدعاء في أثناء الخطبة

لقد سبق أن الرسول صلى رفع يديه وهو على المنبر يخطب عندما استسقى به بعض الأعراب، ورفع الناس أيديهم معه.

واستحب بعض أهل العلم للإمام في حال الخطبة أن يشير بالسبابة فقط، وذلك لما خرجه مسلم في صحيحه من حديث عمارة بن رُوَيْبة: "أنه رأى بشر بن مروان يرفع يديه، فأنكر ذلك وقال: لقد رأيتُ رسول الله صلى وما يزيد على هذا يشير بالسبابة".

قال الحافظ ابن حجر معلقاً على حديث عمارة هذا: (فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره، وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة، ورده إنما ورد في الخطيب حال الخطبة، وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها).

والذي يظهر والله أعلم أن الخطيب له أن يشير بالسبابة وحدها في حال الدعاء، وإذا رفع كلتا يديه فلا حرج عليه.

    (‌ج)   لا ترفع الأيدي في الدعاء دبر الصلوات المكتوبات

من المواطن التي لم يشرع فيها رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة دبر الصلوات المكتوبة، إذ لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه فيها، بل لم يثبت عنه ولا عن خلفائه أنه كان يجلس في مصلاه إلا بمقدار أن يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".

خرَّج مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث إذا سلم بمكانه يسيراً"، قال ابن شهاب: "حتى ينصرف النساء فيما نرى".

وروي عن أنس رضي الله عنه قال: "صليت خلف النبي صلى فكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليتُ مع أبي بكر فكان إذا سلم وثب كأنه على رضفة"، يعني الحجر المحمى.

وقال ابن وهب: (عن يونس بن يزيد: أن أبا الزناد أخبره قال: سمعتُ خارجة بن زيد بن ثابت يعيب على الأئمة قعودهم بعد التسليم، وقال: إنما كانت الأئمة ساعة تسلم تنقطع مكانها، قال ابن وهب: وبلغني عن ابن شهاب أنها السنة؛ قال ابن وهب: وقال ابن مسعود: يجلس على الرضف خير له من ذلك؛ قال ابن وهب: وبلغني عن أبي بكر الصديق أنه كان إذا سلم لمكانه على الرضف حتى يقوم، وأن عمر بن الخطاب قال: جلوسه بعد السلام بدعة").

يستحب الإكثار من الدعاء داخل الصلاة، خاصة في السجود، أما بعد السلام فالمشروع هو الذكر.

قال ابن القيم رحمه الله: (وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أوالمأمومين فلم يكن ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم أصلاً، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن.

أما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر، فلم يفعل ذلك هو ولا أحد من خلفائه ولا أرشد إليه أمته، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضاً عن السنة بعدهما، والله أعلم، وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها، وأمر بها فيها، وهذا هو اللائق بحال المصلي، فإذا سلم منها انقطعت تلك المناجاة، وزال ذلك الموقف بين يديه، وبالقرب منه، فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه والإقبال عليه، ثم يسأله إذا انصرف عنه؟! ولا ريب أن عكس هذا الحال هوالأولى بالمصلين إلا أن هاهنا نكتة لطيفة، وهو أن المصلي إذا فرغ من صلاته، وذكر الله وهلله وسبحه وحمده وكبره بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة، استحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ويدعو بما شاء، ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية، لا لكونه دبر الصلاة، فإن كل من ذكر الله وحمده وأثنى عليه، وصلى على رسول الله صلى استحب له الدعاء عقيب ذلك، كما في حديث فضالة بن عبيد: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ليصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدعُ بما شاء").

سئلت هيئة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية عدة أسئلة عن مشروعية الدعاء دبر الصلوات المكتوبة وعن رفع اليدين فيه، فأجابت: (ليس الدعاء بعد الفرائض بسنة إذا كان ذلك برفع الأيدي سواء من الإمام وحده، أوالمأموم وحده، أومنهما جميعاً، بل ذلك بدعة، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، أما الدعاء بدون ذلك فلا بأس به لورود بعض الأحاديث في ذلك.

وفي جواب آخر عن نفس هذا السؤال: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة في الدعاء، ورفعهما بعد السلام من صلاة الفريضة مخالف للسنة).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد سئل عن الدعاء عقيب الصلاة هل هو سنة أم لا؟ ومن أنكر على إمام لم يدعُ عقيب صلاة العصر هل هو مصيب أم مخطئ؟ فأجاب: (الحمد له، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو هو والمأمومون عقيب الصلوات الخمس كما يفعله بعض الناس عقيب الفجر والعصر، ولا نقل ذلك عن أحد، ولا استحب ذلك أحد من الأئمة، ومن نقل عن الشافعي أنه استحب ذلك غلط عليه، ولفظه الموجود في كتبه ينافي ذلك، كذلك أحمد وغيره من الأئمة.

إلى أن قال: ولو دعا الإمام والمأموم أحياناً عقيب الصلاة لأمر عارض لم يكن هذا مخالفاً للسنة، كالذي يداوم على ذلك، والأحاديث الصحيحة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دبر الصلاة قبل السلام ويأمر بذلك.

إلى أن قال: وأما دعاء الإمام والمأمين جميعاً عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نقل عنه أنه أمر معاذاً أن يقول دبر كل صلاة: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، ونحو ذلك، ولفظ دبر الصلاة قد يُراد به آخر جزء من الصلاة، كما يراد بدبر الشيء مؤخره، وقد يراد ما بعد انقضائها).

وقال الونشريسي المالكي رحمه الله في "المعيار المعرب، والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا والأندلس والمغرب"36 عن رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة: (وسئل فقهاء "بجاية" عن دعاء الإمام بعد فراغه من الصلاة، أوبعد قراءة الحزب، ويمسح بيديه، وكذلك الجماعة إلى أن نُهي عن ذلك ومنع منه، فإذا صح النهي فما وجهه؟

فأجاب الفقيه أبو العباس أحمد بن عيسى منهم بأن ما ذكره السائل من النهي صحيح، وعلل بأن العمل لم يصحبه، وفاعل ذلك لا يبلغ الأمر به إلى التحريم، لأن النهي من قائله نهي تنزيه لا تحريم.

وأجاب الفقيه أبو عزير: الدعاء مأمور به، فمن أراد دعا، ومن أراد ترك، لكن إنما يدعو الداعي وحده، وذكر ابن شهاب في بسط اليد ومسح الوجه به بعد الدعاء حديثاً وضعفه، ولكن الظاهر أنه يجوز.

قلت: قال في العتبية: قال مالك: رأيتُ عامر بن عبد الله يرفع يديه وهو جالس بعد الصلاة يدعو، فقيل لمالك أترى بهذا بأساً؟ قال: لا أرى به بأساً، ولا يرفعهما جداً؛ ابن رشد: إجازة مالك في هذه الرواية لرفع اليدين في الدعاء عند خاتمة الصلاة هو نحو قوله في المدونة، لأن خاتمة الصلاة موضع الدعاء.

إلى أن قال: وقال ابن رشد: إنكار مالك مسح الوجه بالكفين لكونه لم يرد به أثر.

إلى أن قال: وسئل الشيخ الحافظ أبو العباس أحمد بن قاسم القباب من أئمة فاس عن حكم الدعاء إثر الصلاة، فأجاب رحمه الله بما نصه: الحمد لله، الجواب وبالله تعالى التوفيق أن الذي عندي ما عند أهل العلم في ذلك من أن ذلك بدعة قبيحة، ولو لم يتق منها إلا هذا الواقع من أن من ترك ذلك يرى أنه أتى منكراً وينهى عنه، وذلك من علامة الساعة، أن يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

إلى أن قال: وقال مالك في المدونة: إذا سلم فليقم ولا يقعد إلا أن يكون في سفر، أوفي فنائه).

قلت: القول الراجح أن مالكاً رحمه الله نهى عن رفع اليدين في الدعاء دبر الصلوات المكتوبات، بل روي عن مالك عدم رفع اليدين في الدعاء إلا في الاستسقاء، الذي هو آكد موطن لرفع اليدين، وفي رواية عنه أن رفع اليدين في الدعاء ليس من أمر الفقهاء.

قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (وقال مالك: كان عامر بن عبد الله يرفع يديه بعد الصلاة يدعو، ولا بأس به ما لم يرفع جداً، وفي رواية ابن غانم: ليس رفع اليدين في الدعاء من أمر الفقهاء.

إلى أن قال:

وقال مالك: كان سعيد بن أبي هند ونافع مولى ابن عمر، وموسى بن ميسرة، يجلسون بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ثم يتفرقون وما يكلم بعضهم بعضاً اشتغالاً بذكر الله تعالى.

ولم تكن القراءة في المسجد في المصحف من أمر الناس القديم، وأول من أحدثه الحجاج، وأكره أن يقرأ في المصحف في المسجد).

    (‌د)   من كره رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة مطلقاً ومقيداً

كره بعض أهل العلم رفع اليدين في الدعاء خـارج الصـلاة مطلقاً، منهم: عبد الله بن عمر وجبير بن مطعم من الصحابة، وشريح القاضي التابعي ومالك الإمام.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (قال الطبري: وكره رفع اليدين في الدعاء ابن عمر، وجبير بن مطعم، ورأى شريحاً رجلاً يرفع يديه داعياً فقال: من تتناول بهما لا أم لك؟ وساق الطبري ذلك بأسانيد عنهم، وذكر ابن التين عن عبد الله بن عمر بن غانم أنه نقل عن مالك أن رفع اليدين في الدعاء ليس من أمر الفقهاء، قال: وقال في "المدونة": ويختص الرفع بالاستسقاء، ويجعل بطونهما إلى الأرض؛ وأما ما نقله الطبري عن ابن عمر فإنما أنكر رفعهما إلى حذو المنكبين، وقال: ليجعلهما حَذْوَ صدره؛ كذلك أسنده الطبري عنه أيضاً، وعن ابن عباس: أن هذه صفة الدعاء، وأخرج أبو داود والحاكم عنه من وجه آخر قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعاً).

    الخلاصة

 1. أن رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة جائز ومشروع في الدعاء المطلق.

 2. يتأكد استحبابه في الاستسقاء مع المبالغة في رفعهما وجعل بطونهما إلى الأرض.

 3. يستحب رفعهما في الدعاء عقب رمي الجمرتين الصغرى والوسطى أيام التشريق.

 4. اختلف في رفعهما بمحاذاة الحجر الأسود، وعند الصفا والمروة، منع من ذلك مالك رحمه الله.

 5. ليس من السنة رفع اليدين في الدعاء عقب الصلوات المكتوبة إذ لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته فعله، وكل يُؤخذ من قوله ويُترك، والخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع في الدين: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ"، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ"، أي لم يبتدعه هو وإنما ابتدعه غيره، فكلاهما في الوزر سواء.

 6. من البدع القبيحة التي يصر عليها البعض الدعاء الجماعي دبر الصلوات المكتوبات، سواء قام به الإمام أو المؤذن أوغيرهما، وسواء كان سراً أم جهراً، بل يبلغ الأمر ببعض الناس اتهام من لم يلتزم هذا الدعاء الجماعي بالابتداع في دين الله، وهذا والله من انقلاب الموازين واختلال المفاهيم، وجهل بالدين، بحيث يصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وذلك كله بسبب سكوت بعض العلماء وطلاب العلم عن ذلك، ومنافقتهم لما تهواه العامة.

وقد أبدع الإمام الشاطبي وأجاد في دفع هذه البدعة القبيحة في كتابه الاعتصام، وأطال الرد في دفع شبه المجيزين لذلك، فيستحسن الرجوع إليه، ولولا خوف الإطالة والخروج عن المقصود لنقلته كله لما فيه من الفوائد الجليلة، والإرشادات العظيمة، والاستنباطات الدقيقة، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

[ رجوع ]




         

contact us                         advertise with us                                     copy right © 2003-2004   NORELISLAM.TK   

the site is developed and designed by

HOSAM DOIDAR